السبت، 19 أكتوبر 2013

علها ترتاح

قد تكون الحقائق واضحة جلية أمامنا، ولكننا نتغاضى عن رؤيتها أو حتى مجرد الالتفات إلى وجودها، كي لا نجرح أنفسنا جرحا يصعب التئامه، ويترك أثره المستديم على أرواحنا..

أما عنها، فقد باتت روحها متعبة مرهقة ومستنزفة. تخشى المواجهة وتتوق إليها.. مواجهة النفس أعني..
كيف لنا أن نجمع بين النقيضين؟!

اعتراف ليس له علاقة بما تعانيه الآن: هي تفتقد أباها كثيرا، أباها الذي يجلس في الغرفة المجاورة.. تكتشف ذلك عندما تتذكر أو تستمع إلى مقطع معين في أغنية "في البحر سمكة" لإيمان البحر درويش، تغني معه طفلة صغيرة على الأرجح ابنته.. ذلك المقطع الذي يقول: " ونونه تضحك.. وتقول لبابا.. (انتفاضة قلب ودموع غزيرة تنهمر منها عندما تردد الطفلة الصغيرة بعده كلمة 'يا بابا').. يا بابا هاتلي.. بسكوت ونوجة..".. هي فقط تفتقد أباها الذي مازال على قيد الحياة، الجالس في الغرفة المجاورة لغرفتها.. 

اعتراف آخر صغير ربما يكون له علاقة بسابقه: هي الآن تبكي بكاء شديدا أثناء كتابة تلك التدوينة.. وكأنها قررت أن تصب مكنونات روحها في بعض الكلمات علها ترتاح، بعد مواجهة حتمية مع نفسها، قضت على ما تبقى من ذاتها..

لم تعد تعرف إذا كان البكاء ضعفا أم قوة.. تحاول الاختباء الآن خلف قناع البرود و اللامبالاة.. في البدء اعتقدت أن بضعة أيام من العزلة كفيلة بإعادة الأمور إلى نصابها. هي لا تنكر: أصبح تفكيرها واضحا إلى حد ما، وقلت درجة التشويش كثيرا عن ذي قبل.. ولكن ، هل هذا يكفي؟ هي لا تظن ذلك.. يحتاج عقلها إلى تطبيق ما توصل إليه من قرارات لكي تعرف مدى قوتها ودرجة التحكم في نفسها، ودرجة أمان الأقفال التي وضعتها بصعوبة بالغة على قلبها المهترئ، بأمر مباشر من عقلها.. هل هذا يكفي؟ وحدها الأيام كفيلة بالإجابة..

اعتراف ثالث أخير: هي الآن توقفت عن البكاء تماما وقت الانتهاء من كتابة التدوينة..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق